طفت على السطح معلومات تم تداولها على نطاق واسع، حول أن بنك عدن المركزي أوقف طباعة النقد من العملة المحلية الجديدة، والتي تمت على مدار السنوات الماضية دون غطاء نقدي من العملة الأجنبية.
ونقلت وسائل إعلام عن مصدر حكومي في البنك لم يفصح عن اسمه ، قوله إن البنك أوقف طباعة النقود، وإن وقفها كان ذا أثر إيجابي نسبي في النصف الثاني من عام 2022 في سوق الصرف وانتظام صرف الرواتب.
وفي واقع الأمر، كان بنك عدن المركزي نفسه قد أعلن عن وقف طباعة النقد، خلال ورشة عمل أقامها بتاريخ 4 يناير 2023، بالتعاون مع مؤسسة الرابطة الاقتصادية، وتناولت موضوع المزادات الإلكترونية التي يعقدها البنك أسبوعياً، وطبيعة عملها لبيع العملة الأجنبية، بحسب متابعات مرصد “بقش”.
في الورشة ذكر البنك أنه أطلق خطة إصلاحات شاملة على الجوانب الاقتصادي والمالي والنقدي تحت إشراف صندوق النقد الدولي واتخذ عدداً من الإجراءات لتحسين بيئة الأعمال وتغطية متطلبات الحكومة الشرعية في عدن لاسيما في جوانب الاحتياجات الخدمية ودفع المرتبات بشكل منتظم دون اللجوء لمزيد من طباعة العملة.
فالمزادات، وفقاً لوجهة نظر المشاركين في تلك الورشة- وفّرت جزءاً من احتياجات السوق من العملة الأجنبية لغرض استقرار أسعار الصرف والسلع والحد من نسب التضخم، وبالتالي ساهمت -المزادات- في وقف طباعة النقود وامتصاص جزء من السيولة النقدية الفائضة.
ويَعتبر البنك مثل هذا الإجراء هاماً في إطار الحاجة إلى السيطرة على سوق الصرف وإصلاح الأوضاع المالية، بل ويطالب بضرورة تحييد البنك عن الصراعات السياسية، بحسب الموقع الإلكتروني الرسمي للبنك.
وفي تقديمهم للتوصيات، طالب المشاركون الحكومة الشرعية في عدن بدعم البنك في استمرار وقف طباعة النقد، والسيطرة على سوق الصرف وإصلاح المؤسسات المالية وإيداع الموارد إلى الحسابات المخصصة لها في البنك المركزي، وترشيد الإنفاق الحكومي.
ورغم أن المزادات تواجه انتقادات واسعة مطالِبة بوقفها لعدم جدواها في تحسين موقف الصرف، إلا أن مشاركي الورشة طالبوا باستمرار تلك المزادات لتأمين موارد مالية من مصادر غير تضخمية، في إشارة إلى ضرورة عدم العودة إلى طباعة النقود التي أحدثت فجوة تضخمية في السوق المحلية.
وكان البنك المركزي بصنعاء قد اتهم مركزي عدن في العام 2021، بطباعة ما لا يقل عن 5 تريليونات و320 مليار ريال حتى شهر يونيو 2021، قائلاً إن ذلك يعادل ثلاثة أضعاف ما طبعه البنك المركزي في صنعاء منذ العام 1964 وحتى 2014.
من جانبهم، علَّق ناشطون اليوم بأن إيقاف بنك عدن المركزي طباعة النقود جاء نزولاً عند شروط صندوق النقد الدولي الذي فرض اتخاذ إجراءات هيكلية منها وقف الطباعة وإعادة الدورة النقدية وتطوير بنك عدن وتنفيذ نظام المزادات، مقابل تقديم الدعم المالي والفني من جانب الصندوق.
بدوره رفض المجلس الانتقالي الذي يقاسم الحكومة حقائبها الوزارية بالمناصفة، إيقاف طباعة النقود، واعتبر أن ذلك ينسجم مع سياسات حكومة صنعاء.
وعبَّر عن ذلك عضو هيئة رئاسة المجلس، لطفي شطارة، في تغريدات له على تويتر، إذ اتهم قيادة بنك عدن المركزي بما وصفه “التخادم مع صنعاء”، في إشارة ضمنية إلى وقف البنك طباعة النقد، وأضاف أن قيادة البنك منذ تعيينها قبل عام لم تحسن قيمة العملة أو الوضع المالي، حد قوله.
ومنعت سلطات صنعاء عام 2019 تداول العملة المطبوعة واعتبرتها غير قانونية وعرَّضت حائزيها للمساءلة، مبررةً ذلك بكبح التضخم مع نزول كل دفعة من تلك العملة للتداول في السوق، كما منعت التعامل بفئة 1000 ريال جديدة لا يبدأ رقمها التسلسلي بحرف (أ) طبعتها حكومة عدن مشابهة لإصدار مماثل للفئة المتداولة -بمناطق سيطرة حكومة صنعاء- يعود إلى عام 2017.
وفي العام 2016، وبعد نقل عمليات البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، بدأت حكومة عدن تتجه نحو طباعة كميات كبيرة من النقود دون غطاء نقدي لمواجهة أزمة سيولة في ذلك الوقت.
وتم التعاقد مع شركة جوزناك الروسية، لطباعة 400 مليار ريال كمبلغ أولي، وقال محافظ بنك عدن حينها، منصر القعيطي، إن البنك قطع شوطاً في طباعة الأوراق النقدية عبر اتفاقيات موقعة مع شركات متخصصة.
واستمرت طباعة النقود دون غطاء نقدي من العملة الصعبة خلال الأعوام 2017 و2018 و2019، رغم أن وزارة التخطيط بحكومة عدن سبق وحذرت، في تقرير صدر شهر ديسمبر 2016، من أن الطباعة هي علاج مؤقت يحمل آثاراً عكسية خطيرة على العملة المحلية إذا لم يتم تدفق موارد النقد الأجنبي.
ويكتفي بنك عدن المركزي في الوقت الراهن بعقد مزادات علنية إلكترونية عبر منصة ريفينيتف الأمريكية، كوسيلة وحيدة يَعتبرها مساهِمة في الحد من تقلبات أسعار الصرف.